عرض الحديث (49)
ثالثا تعريف الحديث الصحيح حقا
سيتضح لك جليا انه لا
شرط للعمل بالخبر الا شرط واحد هو افادته العلم، وان جميع الشروط والصفات الاخرى
هي بيان وشرح لهذه الصفة.
قال تعالى (وَمَا لَهُمْ
بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي
مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) .
قال تعالى (وَمَا
يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
شَيْئًا ) .
قال تعالى (وَإِنْ
تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ).
قال تعالى (وَلَا تَقْفُ
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )
فلا يصح اعتماد الظن ومنه النقل الظني في أي امر
شرعي بل في امر في الحياة سواء كان صغيرا او كبيرا لانه خلاف الحكمة. وسيتبين جليا
ان الحديث الصحيح وفق ما هو ثابت ومعلوم من محكم القران وقطعي السنة انه الحديث الحق
والصدق، وانه الحق والصدق وفق بناء العقلاء وانما النص الشرعي هو شارح للصفات التي
يكون فيها الحديث حقا وصدقا وليس هناك استحداث شرعي.
وستعرف بوضوح ان الحديث
الصحيح الذي هو حق وصدق هو ما يفيد العلم هو الحديث الذي له شاهد من الثابت
المعلوم من المعارف المستفادة من محكم القران وقطعي السنة. وباختصار هو الحديث
الذي له شاهد من القران بمعارفه التي دلت على حسن المعرفة وفطريتها وعقلائتها
وعرفيتها وصدقها وانها حقيقة ونور.
وهنا مجموعة من الأسس القطعية الثابتة المبينة
والدالة على هذا التعريف:
اولا: الرد الى القرآن وقطعي السنّة
الرد الى المعارف الثابتة والاخذ بما وافقها هو
شرط من شروط الاطمئنان للخبر وافادته العلم العرفي والذي يعتبر فيه عند العقلاء ان
يكون موافقا لما هو معلوم من معرفة لان التناسب و الاتساق بين المعارف علامة الصدق
والشاهد على اعتبار التناسق والاتساق وعدم الاختلاف في الحديث الشرعي ادلة نصية
كثيرة دلت على اعتبار موافقة الخبر للقران والسنة بالفاظ وصور مختلفة منها :
قوله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. )
والرد الى الله والى الرسول أي الى المعلوم من قوليهما وعليه يحمل القول بانه
الرد الى القران والسنة، والعلم بقول الله والرسول يكون اما بقول النبي في حال
حياته او قول الامام عليه السلام بعد وفاة النبي او ما علم من النقل ولذلك قال في آية أخرى
" ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
" ولهذا قد جاء في الحديث المصدق
في النهج قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الرد إلى الله الأخذ
بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة. ) أي ما علم
من قول الله ورسوله وليس لظواهرهما وهذا امر بغاية الأهمية ويزيل
كثير من حالات التفرق والاشكال. والرد هو العرض كما هو واضح.
قوله تعالى : (مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى
اللَّهِ )
وهذه الاية بمعنى ما تقدم وهو الرد الى رسول الله
في حياته و الى الوصي بعده او الى ما علم منهما من معارف من محكم القران او سنة
متفق عليها. والرد هو العرض حقيقة كم اشرت.
قوله تعالى :( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى
الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)
عرفت ان هذه الاية هي المحكم في العرض وان الرد
الى الله والرسول هو الرد الى رسول الله صلى الله عليه واله في حياته والى وصيه في
حال غيابه او وفاته او الى ما هو معلوم من دينه ومن معارف قرانية وسنية متفق
عليهما.
قوله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).
وحبل
الله هو المعلوم المتفق عليه من معارف القران والسنة فهذه الاية بمعنى ما تقدم وهي
تفيد العرض و الرد الى تلك المعارف.