عرض الحديث (35)
ان اهم الفروقات المنهجية بين المتنية و السندية
هو اعتبار المتنية العلم في المعرفة و عدم تجويزها العمل بالظن بينما السندية تجوز
العمل بالظن، و ثانيا خوض السندية في احوال الرجال و ذكر طعونهم وهذا من اغتياب
المسلم و تفترض اصالة عدم الصحة في خبر المسلم
بينما تتجنب المتنية ذلك و تفترض اصالة الصحة في خبر المسلم و ثالثا
المتنية تعتمد التسليم للروايات فلا تكذيب
و انما تتوقف فيما لا يتضح و لا يحقق العلم السندية تجوز رد الروايات و انكارها
بحجة ضعف السند و رابعا المتنية ترى ان الخطاب السرعي موجه الى جميع العباد و ان
تناولها متيسر للناس فلا اصول لفقه النص الا الاصول العقلائية العرفية و لا
اختصاصية و لا ثمرة و لا نفع في ذلك بينما السندية ترى ان علم اصول الفقه و ابحاثه
الدقية الاتخصيية جدا و البعيدة عن اذهان العرف ضروري للفقيه و الاستنباط، وهنا
مشكلة قد تحدث وهي ان المستنبط السندي باعتماده مقدمات بعيدة عن اذهان العرف
بالاستنباط فان ما يتوصل اليه سيكون فهما شخصيا و ليس نوعيا و في حجية هذا الفهم
على غيره اشكال، بينما المتنية تعتمد الفهم العرفي العادي النوعي الذي يتيسر لكل
انسان ملتفت الى النص و هذا الفهم توعي و حجة على كل انسان حتى غير المسلم ايضا.
هناك تيار ييحاول ان يكون علمي امتنيا وسنديا أي
اعتبار كون الحديث العلمي ان يكون لبه شاهد من القران وان يكون صحيح السند وهذا لا
دليل عليه بل الدليل على خلافه من وجوب اعتماد علم الرجال وجرح والتعديل الذي
يتتبع عورات المسلمين، ولكن يمكن اعتبار هذه المعارف ذات ميزة الا ان ما يصاحبها
من خلل حتمي في مخالفة الأوامر امر يمنع من اعتمادها كما ان تلك الاحاديث لا تختلف
بالحجية عن غيرها من المعارف العلمي فالعلم كله حجة ولا يتعارض ولا يختلف.
المسألة (3) : اخراج الاحكام من الظن الى العلم (
الظهور اللغوي و الظهور الشرعي)
لقد دلت الايات و الروايات انه لا بد من العلم و
ان لكل واقعة حكما وانه لا عمل و لا نية
الا باصابة السنة ، و هذا يمنع من التمسك
بالظهور اللغوي لانه ظن بل لا بد من تحقق
العلم بكون ذلك الظهور اللغوي هو الحكم الشرعي، وهذا ما يمكن ان نسميه بالظهور
الشرعي ، و الذي يتحصل من القرائن. بمعنى انه ليس الاصل حجية الظهور كما هو
مشهور بل الاصل لاحجيته ولا بد لاثبات
حجيته مقاميا من قرائن تفيد ذلك ، و اذا تعذرت وجب التوقف ، ليس لان الظهور اللغوي
ليس حجة عند العقلاء و انما لان الشرع دل على ان لكل شيء بيانا علميا و ليس ظنيا
يمنع من القول بالوصول اليه بالظهور اللغوي الظني ، و جواز العمل بالظهور
الشرعي لانه محقق للعلم . و بهذا تخرج الاحكام المستفادة من الظواهر من
الظنية و تكون جميعها علمية وحق .
مسألة (4): عدم صحة رد خبر الراوي الضعيف
ردّ خبر
الراوي الضعيف ناتج من التعامل مع الاخبار
عن امور الدين معاملة الاخبار عن الامور
الخارجية ، و هذا ممنوع ليس فقط لاختلاف الموضوعين بل و للنقل المستفيض الدال على
قبول كل ما وافق القران و السنة مطلقا ، بل منها ما نص على قبول خبر الفاجر ان كان
موافقا للقران و السنة كما فصلناه في فصول عرض الاخبار على القران و السنة و ان
المييز بين الرواية المقبولة و غير المقبولة في امور الدين هو موافقة القران و
السنة و مخالفتهما فيقبل الاول و يرد
الثاني مطلقا . و هذا النقل المستفيض مخصص لما قد يقال من اعتبار العدالة في
المخبر عن امور الدين مع ان اصل هذا
الاعتبار لا يثبت حيث استدل باية التثبت و
ايات عدالة الشاهد و رواياتها و سيرة العقلاء ، الا ان هذا ليس في الاخبار عن امور
الدين بل في الاخبار عن الامور الخارجية .