عرض الحديث (25)
أولا: قواعد عامة في علم الحديث
قال تعالى (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) و قال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) و قال تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) وقال
تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فاطاعة رسول
الله صلى الله عليه و اله واجبة و عليها الضرورة الدينية و السيرة. و في مصدقة
أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل قول
وعمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا بإصابة السنة. و في مصدقة المجاشعي، عن
أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه واله يقول: عليكم بسنة، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. و في
مصدقة أبي عثمان العبدي عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه واله: لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بإصابة السنة
و في مصدقة هشام، عن الصادق عليه السلام قال: امر إبليس بالسجود لآدم فقال: يا رب
وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها. قال الله جل
جلاله: إني احب أن أطاع من حيث اريد. و في مصدقة سيف، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه من تمسك بسنتي في اختلاف امتي كان له أجر
مائة شهيد. و في مصدقة ابن مسكان عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن الحسين
عليهم السلام قال: مر موسى بن عمران - على نبينا وآله وعليه السلام - برجل وهو
رافع يده إلى السماء يدعو الله، فانطلق موسى في حاجته فغاب سبعة أيام ثم رجع إليه
وهو رافع يده إلى السماء. فقال: يا رب هذا عبدك رافع يديه إليك يسألك حاجته ويسألك
المغفرة منذ سبعة أيام لا تستجيب له. قال: فأوحى الله إليه يا موسى لو دعاني حتى
تسقط يداه أو تنقطع يداه أو ينقطع لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي
أمرته. و في مصدقة ابن حميد رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام
فقال: أخبرني عن السنة والبدعة، وعن الجماعة وعن الفرقة، فقال أمير المؤمنين صلى
الله عليه: السنة ما سن رسول الله صلى الله عليه واله والبدعة ما احدث من بعده،
والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلا والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيرا .
و قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ ) وقال تعالى
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) وقال تعالى
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ ) و قال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ
الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فيجب اطاعة
ولي الامر وهو الامام المعصوم عليه السلام لقوله تعالى (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ ) و في مصدقة الكنانى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا
الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا، و في مصدقة ضريس قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول واناس من أصحابه حوله: وأعجب من قوم يتولوننا ويجعلوننا أئمة، ويصفون بأن
طاعتنا عليهم مفترضة كطاعة الله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم،
فينقصون حقنا ويعيبون بذلك علينا من أعطاه الله برهان حق معرفتنا، والتسليم
لأمرنا، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثم يخفي عنهم
أخبار السماوات والأرض، ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم
؟و في صحيحة محمد بن شريح قال قال أبو عبد الله عليه السلام لولا ان الله فرض
طاعتنا وولايتنا وامر مودتنا ما اوقفناكم على ابوابنا ولا ادخلناكم بيوتنا انا
والله ما نقول باهوائنا ولا نقول براينا ولا نقول الا ما قال ربنا واصول عندنا
نكنزها كما يكنز هولاء ذهبهم و فضتهم . و في صحيحة أبي بصير قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن قول الله عز وجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر
منكم " فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام: فقلت له:
إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟
قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم
الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك
لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله
صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا اسبوعا حتى
كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت " أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال صلى الله
عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما
حتى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم
لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله
عليه وآله فلم يبين من أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عز وجل أنزله
في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام،
فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم
إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت ام سلمة: ألست من أهلك؟ فقال:
إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان
علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته
للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن
علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك
وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله
صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي عليه
السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده
ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول: " واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله " فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك
و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب
الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن
أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو
أرادا أن يصرفا الامر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه
السلام فجرى تأويل هذه الآية " واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله
" ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى
محمد بن علي عليه السلام. وقال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا.