عرض الحديث (30)

 

القاعدة (8) (علينا أن نلقي إليكم الاصول وعليكم أن تفرعوا. )

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ ) وقال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) و  قال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) و اطلاقه كما يدل على انه لا تقليد و لا اتباع الا لهم عليهم السلام كما عليه المصدق ففي مصدقة زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتدري بما امروا ؟ امروا بمعرفتنا، والرد إلينا، والتسليم لنا و في مصدقة عن أبي مريم قال قال: أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت. و في مصدقة أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين. فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. و في مصدقة أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول: ... وإن نبي الله فوض إلى علي عليه السلام: وأتمنه فسلمتم وجحد الناس، فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزوجل، ما جعل الله لاحد خيرا في خلاف أمرنا . فان ذلك الاطلاق ايضا يجعل وصول امراهم عليهم السلام متحقق بالطرق العرفية العقلائية ، فكل ما اطمئن انه مخبر عنهم فهو متبع و معتبر و على ذلك قاعدة تنزيل الخبر عنهم منزلة قولهم و قاعدة الامر بالعمل بنا وافق الكتاب مما ينقل عنهم و قاعدة من عمل بخبر عنهم رجاء الثواب فهو له و كلها تدلل ان المسلم اذا وصله امرهم باي طريقة عرفية كان ذلك معتبرا و جاز له اعتماده . و مما تقدم و غيره لا يمكن ان يكون لفتوى الفقيه و لا لغيرها اية حجية نفسية في افادة الحكم الشرعي و انما كل الحجج المعتبرة في ذلك انما هي طرق للوصول الى القران و السنة ، و بذلك تبين و بما لا يقبل الشك ان كل ما يبحث و يتبع و يحتج به في مقدمات الاستنباط وفي عملية الاستنباط انما هو في الطريق الموصل الى القران و السنة لا غير . و من هنا و مما هو ظاهر من عملية الاستنباط انها توصل الى السنة بالتفريع ، ورد الفرع الى اصله في السنة كما قال عليه السلام ففي مصدقة البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الاصول إليكم وعليكم التفرع. و في مصدقة هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنما علينا أن نلقي إليكم الاصول وعليكم أن تفرعوا. فالاستنباط هو في نهايته و حقيقته اخبار استدلالي عن السنة ، في قبال كشف الخبر روائيا عنها ، اذ ان جواز تقليد الفقيه و الرجوع اليه انما هو لاجل ذلك الاخبار و التفريع الراجع الى الاصل أي السنة .  و لحقيقة ان عملية الاستنباط هي رد الفرع الى الاصل و ان مجالها ما لا نص فيه و ما لم يكن ضروريا ، فان الفتوى في واقع امرها نحو اخبار عن السنة ، فهي من هذه الجهة كالخبر الا انها متأخرة عنه و محتاجة الى العلم أي قوة الاجتهاد لبلوغ ذلك . و بهذا يتبين ان الفتوى و الخبر يجمعهما جامع الاخبار عن السنة و ان المشترك الاتصافي بينهما في هذا الشأن المنكشف باحدهما جار في الاخر لان علته واحدة ولانه صفة للعام الجامع و ليس لاي منمهما ، و لا يظهر لا شرعا و لا عرفا ان الموارد التي اعتمد فيها الخبر و الشروط التي يجب توفرها للعمل به مختصة به بما هو بل لاجل انه اخبار عن السنة وهذا من الواضحات و من هنا يجوز اعتماد الفتوى بما هي اخبار عن السنة في كل ما يعتمد فيه الخبر و يشترط فيها كل ما يشترط في الخبر للعمل به و اضافة الى ذلك ان تكون صادرة من عالم أي فقيه قد استنبط الحكم بالطريقة العرفية و العقلائية لعادية. كما ان حدودها كحدود الخبر و موارد عملها كموادر عمله .

 

 

القاعدة (9) (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ )

 

قال تعالى (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) و يؤمن للمؤمنين أي يصدق. و يصدقه اخوة الايمان و ولاية الايمان و عليه نصوص خاصة ففي مصدقة الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، و مصدقة داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله )صلى الله عليه و آله( إن الله (عز و جل ) خلق المؤمن من عظمة جلاله و قدرته، فمن طعن عليه، أو رد عليه قوله، فقد رد على الله )عز و جل .و مصدقة الصدوق ـ عن امير المؤمنين (عليه السلام ) انه قال : اطرحوا سوء الظن بينكم , فان اللّه عزوجل نهى عن ذلك . و المصدق عن قال الصادق عليه السلام: حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء وسلامة صدره، وعلامته أن يرى كل ما نظر إليه بعين الطهارة والفضل، من حيث ما ركب فيه وقذف من الحياء والامانة والصيانة والصدق، قال النبي صلى الله عليه واله: أحسنوا ظنونكم باخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب، ونقاء الطبع،

 

و مصدقة إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء . و مصدقة الرضي عن اميرالمؤمنين (عليه السلام ) قال : اتقوا ظنون المؤمنين , فان اللّه جعل الحق على السنتهم . و مصدقة محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك ! الرجل من إخواني يبلغني عنه الشئ الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: يا محمد ! كذب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به، وتهدم به مروته .

من هنا فالاصل في خبر المسلم القبول الا ان يعرض له ما يخرجه من ذلك بان يكون مخالفا للقران و السنة بالمباينة كما تبين فهذا زخرف مطروح او انه يخالف المصدق فهذا متشابه مشكل لا يعمل به لكن لا ينكر كما هو مبين في محله و اما غيرهما و المصدق بالقران و السنة فهو مقبول .