عرض الحديث (17)

 ثالثا تعريف الحديث الصحيح 


الخلاصة

 

الحديث الصحيح بحسب القران والسنة هو الحديث الذي له شاهد من الثابت المعلوم من محكم القران وقطعي السنة. وباختصار هو الحديث الذي له شاهد من القران. فالحديث الذي له شاهد من القران فهو حديث صحيح والحديث الذي ليس شاهد من القران فهو حديث ضعيف.

وسيتضح لك جليا انه لا شرط للعمل بالخبر الا شرط واحد هو افادته العلم، اي ان يكون حقا وصدقا، وان جميع الشروط والصفات الاخرى هي بيان وشرح لهذه الصفة.

قال تعالى (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) .

قال تعالى (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) . 

قال تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )

وهنا مجموعة من الأسس القطعية الثابتة المبينة والدالة على هذا التعريف:






اولا: الرد الى القرآن وقطعي السنّة

الرد الى المعارف الثابتة والاخذ بما وافقها هو شرط من شروط الاطمئنان للخبر وافادته العلم العرفي والذي يعتبر فيه عند العقلاء ان يكون موافقا لما هو معلوم من معرفة لان التناسب و الاتساق بين المعارف علامة الصدق والشاهد على اعتبار التناسق والاتساق وعدم الاختلاف في الحديث الشرعي ادلة نصية كثيرة دلت على اعتبار موافقة الخبر للقران والسنة بالفاظ وصور مختلفة منها :

قوله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. )

والرد الى الله والى الرسول أي الى المعلوم من قوليهما وعليه يحمل القول بانه الرد الى القران والسنة، والعلم بقول الله والرسول يكون اما بقول النبي في حال حياته او قول الامام عليه السلام بعد وفاة النبي او ما علم من النقل ولذلك قال في آية أخرى " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ولهذا قد جاء في الحديث المصدق في النهج قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة. ) أي ما علم من قول الله ورسوله وليس لظواهرهما وهذا امر بغاية الأهمية ويزيل كثير من حالات التفرق والاشكال. والرد هو العرض كما هو واضح.









قوله تعالى : (مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )

وهذه الاية بمعنى ما تقدم والرد الى الله اي الى حكمه الحاكم به، وهو الرد الى رسول الله في حياته و الى الوصي بعده او الى ما علم منهما من معارف من محكم القران او سنة متفق عليها. والرد هو العرض حقيقة كم اشرت.


قوله تعالى :( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)

عرفت ان هذه الاية هي المحكم في العرض وان الرد الى الله والرسول في غيرها هو الرد الى رسول الله صلى الله عليه واله في حياته والى وصيه ولي الامر في حال غيابه او وفاته او الى ما هو معلوم من دينه ومن معارف قرانية وسنية متفق عليهما. ولا بد من الاشارة ان وي الامر لفظ خاص بالوصي خليفة الله ورسوله وليس لفظا عرفيا فلا يستعمل في غيرهما الا من باب اللفظ لا المعنى والصحيح هو اجتناب ذلك، فيوصف الفقيه المقدم الجامع بصفات او القاب غير ولي الامر كالفقيه الولي او الفقيه الجماع او الفقيه الاعلى. وفي وصف الفقيه الاعلى بالمرجع الديني الاعلى منع واضح ان ان المرجع الديني الاعلى هو القران.


قوله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).

وحبل الله هو المعلوم المتفق عليه من معارف القران والسنة فهذه الاية بمعنى ما تقدم وهي تفيد العرض و الرد الى تلك المعارف.






ثانيا وجوب العرض على القران والسنة 

عرفت ان العرض يكون على المعارف المعلومة الثابتة من محكم القران والسنة وهو  ما دلت عليه الايات ، فما جاء بذكر القران فقط هو من باب الاهتمام والمراد هو المعرفة المعلومة من الدين المستفادة من القران والسنة وقد نصت بعض الروايات على ذلك:



(فَمَا جَاءَكُم مُوَافقا لكتاب الله وسنتي فَهُوَ مني)


الابهاج: أبو يعلى الموصلي في مسنده موصولا من حديث أبي هريرة واللفظ (سَيَأْتِيكُمْ عني أَحَادِيث مُخْتَلفَة، فَمَا جَاءَكُم مُوَافقا لكتاب الله وسنتي فَهُوَ مني، وَمَا جَاءَكُم مُخَالفا لكتاب الله وسنتي فَلَيْسَ مني ).


(فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أومن قول رسول الله (صلى الله عليه و اله))

المحاسن: عنه عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن أبي يعفور قال علي و حدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال سألت أبا عبد الله (صلوات الله عليه) عن اختلاف الحديث يرويه من يثقبه و فيهم من لا يثق به فقال إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أومن قول رسول الله (صلى الله عليه و اله) و إلا فالذي جاءكم به أولى به . و الحديث صحيح سندا. وفائدة هذا الحديث انه مفسر للعرض بذكر الشاهد و ذكر السنة.  والحديث نص بعدم اعتبار حال الراوي.


(ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله.)


رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن : حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقو الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله. 



(فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة)


رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن  عن على أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه : قال لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به. وهو صحيح السند. لاحظ لفظة ( مصداق) وهو بيان لاصل المصدقية الصابت بالاصول المتقدمة.

(فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي)

الاحتجاج.قال رسول الله صلى الله عليه واله (  قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به.)

(فَمَا جَاءَكُم مُوَافقا لكتاب الله وسنتي فَهُوَ مني)

الهروي في ذم الكلام عنه تذكرة المحتاج.قال رسول الله صلى الله عليه واله ((سَيَأْتِيكُمْ عني أَحَادِيث مُخْتَلفَة، فَمَا جَاءَكُم مُوَافقا لكتاب الله وسنتي فَهُوَ مني، وَمَا جَاءَكُم مُخَالفا لكتاب الله وسنتي فَلَيْسَ مني.))


(ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا)

الكشي.قال الصادق عليه السلام اتقو الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله، فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل، وقال رسول الله صلى الله عليه واله. ))


(فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا)


قال ابو الحسن الرضا عليه السلام إذا كان جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا، فإن أشبههما فهو حقّ، وإن لم يشبههما فهو باطل)) تفسير العياشي. تعليق احاديثنا اي منها السنة.

(فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه واله)


قال الرضا عليه السلام ما ورد عليكم من خبرين مختلفين اعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه واله، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، أو مأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه واله أمر إلزام فاتبعوا مما وافق نهي رسول الله صلى الله عليه واله وأمره )) العيون.

ثالثا وجوب المصدق والشاهد 

 ان الرد الى الله والرسول والى ولي الامر و الى القران و السنة انما يكون باعتبار وجود المصدق  والشاهد، فيصدق الحديث وهذا هو جوهر العرض وهو مفاد كثير من الايات:


قال تعالى: وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ).

قال تعالى:  نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ.

 أقول وفيه اشعار بان من علامة الحق التصديق أي ان يكون له مصدق من المعارف المعلومة. 


قال تعالى: آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ. 

 أقول لاحظ كيف عطف الامر بالايمان على التصديق ووجود مصدق عندهم على ما اوجب الايمان به .


قال تعالى: الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ. 


وهو يشعر ايضا بالملازمة بين الحق و المصدقية و يجري فيه الكلام السابق. 


قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.  


هذه الاية هي تاسيس للاتساق و التناسق المعرفي للمعارف الشرعية. 

اقول ان هذه الايات تدل على ان المصدقية مما يساعد على الاطمئنان و معرفة الحق وتمييزه ان لم نقل بانها توجب ذلك، و ان عدم المصدقية مما يبعث على عدم الاطمئنان ان لم يمنعه. وان هذا الاصل بمعية الاصل السابق و الاصل العقلائي بل الفطري من العرض و الرد في التمييز و الفرز يحقق نظاما معرفيا معلوما و ثابتا ، هو مصدق وشاهد لحديث العرض. بل ان هذه الاصول  بنفسها كافية في اثبات حجية العرض وكونه مميزا للحديث الصحيح الحق من غيره ولو من دون الروايات الناصة على ذلك. وهل حديث العرض في حقيقة الامر الا من فروع تطبيقات تلك الاصول ومصداق لها فهو ليس تأسيسا لمعرفة مستقلة وهو ظاهر لكل متتبع.

ومن هنا يتبين جليا ان الموافقة التي في حديث العرض يراد بها ان يكون له مصدق وشاهد واصل في القران والسنة وليس مطلق عدم المخالفة وهذا هو الموافق لنصوص القران والموافق لحقيقة الاتصال المعرفي والاتساق وعليه أحاديث نصت على ذلك. وهذا الشرط هو الكفيل فعلا باخراج الخبر من الظن الى العلم.


هنا الفاظ حديث العرض المصدقة بما تقدم

عدة الاصول؛ الطوسي: عنهم عليهم السلام: إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافق كتاب الله فخذوه وان خالفه فردوه أو فاضربوا به عرض الحائط.

التهذيب؛ الطوسي عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الائمة عليهم السلام انهم قالوا إذا جاء كم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا.

الاستبصار؛ الطوسي عنهم (عليهم السلام) ما أتاكم عنا فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالفه فاطرحوه.

التبيان؛ الطوسي عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال ((اذا جاءكم عني حديث، فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط)). 

 مجمع البيان؛ الطبرسي  قال قال النبي صلى الله عليه واله: إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط. 

  معارج الاصول؛ الحلي قال قال رسول الله صلى الله عليه واله: " إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فان وافق فاقبلوه، والا فردوه ." 

تفسير الرازي: عنه عليه الصلاة والسلام : « إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافقه فاقبلوه وإلا فردوه ».

تفسير اللباب؛ ابن عادل قال عليه الصلاة والسلام : » إذا رُوِيَ عَنِّي حديثٌ فاعْرِضُوه على كِتَاب الله تعالى، فإن وَافق ، فَاقْبَلُوه ، وإلا فَرُدُّوهُ «. 

 احكام القران؛ الجصاص  عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله  انه قال{ مَا جَاءَكُمْ مِنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ عَنِّي وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَلَيْسَ عَنِّي . 

احكام االقران: روي عن النبي صلى الله عليه و اله ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو مني وما خالفه فليس مني.

 الابانة الكبرى: عن سالم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : « ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه ، فأنا قلته ، وإن لم يوافقه فلم أقله » .

اصول السرخسي:. قال قال صلوات الله عليه: تكثر الاحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه واعلموا أني منه برئ. 


اصول السرخسي: وقال صلوات الله عليه: إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاقبلوه، وما خالف كتاب الله فردوه.

كشف الاسرار؛ عبد العزيز البخاري عنهِ صلوات الله عليه { إذَا رُوِيَ لَكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا وَافَقَ فَاقْبَلُوهُ ، وَمَا خَالَفَ فَرُدُّوهُ }. 

 التوضيح على التنقيح ، عبيد الله البخاري: عنه صلوات الله عليه قال{ يَكْثُرُ لَكُمْ الْأَحَادِيثُ مِنْ بَعْدِي فَإِذَا رُوِيَ لَكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَاقْبَلُوهُ ، وَمَا خَالَفَ فَرُدُّوهُ }.

اصول الشاشي: قال صلوات الله عليه  ( تكثر لكم الأحاديث بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق فاقبلوه وما خالف فردوه ) .

الانصاف؛ لابطليوسي: عنه صلى الله عليه و اله (ان الأحاديث ستكثر بعدي كما كثرت عن الأنبياء قبلي فما جاءكم عني  فأعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافق كتاب الله فهو عني قلته أو لم لم أقله ). 

جمع الجوامع للسيوطي : ستكون عنى رواة يروون الحديث فاعرضوه على القرآن فإن وافق القرآن فخذوها وإلا فدعوها (ابن عساكر عن على) 

الطبراني: ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( أعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته ). 

الاحكام: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ( إذا روي عني حديث ، فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه فاقبلوه ، وما خالفه فردوه ) .

الافصاح، المفيد: عنه عليه صلى الله عليه وآله في الاخبار حتى بلغه ذلك ، فقال " : كثرت الكذابة علي فما أتاكم عني من حديث فاعرضوه على القرآن.

هناك احاديث اخرى بهذا المعنى كثيرة وانما اقتصرت على احاديث جاءت بلفظ ( اعرضوه) نصا. وان الموافقة شرحتها الاصول المتقدمة بانها وجود الشاهد والمصدق ونص على ذلك احاديث منها:



(إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أومن قول رسول الله (صلى الله عليه و اله) و إلا فالذي جاءكم به أولى به .)


المحاسن: عنه عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن أبي يعفور قال علي و حدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال سألت أبا عبد الله (صلوات الله عليه) عن اختلاف الحديث يرويه من يثقبه و فيهم من لا يثق به فقال إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أومن قول رسول الله (صلى الله عليه و اله) و إلا فالذي جاءكم به أولى به .

 و الحديث صحيح سندا. وفائدة هذا الحديث انه مفسر للعرض بذكر الشاهد و ذكر السنة. 

(لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة)


رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن : حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقو الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله. وهو صحيح السند. 

(إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا)

رجال الكشي: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن  عن على أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه : قال لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به. وهو صحيح السند.


(من حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته، ومن حدثكم بحديث لا يضارع القرآن فلم أقله)


الأحكام لابن حزم : عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال: سيأتي ناس يحدثون عني حديثا، فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته، ومن حدثكم بحديث لا يضارع القرآن فلم أقله، فإنما هو حسوة من النار. ) أقول هو من الاحاديث التي شرحت معنى الموافقة و عبر عنها ( بالمضارعة) . والمضارع: الذي يضارع الشيء كأنّه مثلُهُ وشِبْهُه وهذا هو الشاهد.


(أعرضوا عما أشكل عليكم حتى تعرضوه على القرآن فما عرفه القرآن فالزموه وما أنكره فردوه.)


الكامل و البداية و النهاية. قال امير المؤمنين عليه السلام : الزموا دينكم واهدوا بهديي فإنه هدي نبيكم واتبعوا سنته وأعرضوا عما أشكل عليكم حتى تعرضوه على القرآن فما عرفه القرآن فالزموه وما أنكره فردوه. 

(إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به، وإلا فقفوا عنده)

الكافي: قال الباقر عليه السلام :إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به، وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا، حتى يستبين لكم.

(ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل.)


المحاسن.قال الصادق عليه السلام ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل. تعليق لا يصدقه اي ليس فيه شاهد له، والرواية ذكرت نصا لفظ (يصدق).




(إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلا فالذي جاءكم به أولى به.)


الكافي.قال الصادق عليه السلاموقد سئل عن اختلاف الحديث ، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا نثق به ، قال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلا فالذي جاءكم به أولى به .))

(لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة)

الكشي.قال الصادق عليه السلام لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي.))

(فإن أشبههما فهو حقّ، وإن لم يشبههما فهو باطل)


قال ابو الحسن الرضا عليه السلام إذا كان جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا، فإن أشبههما فهو حقّ، وإن لم يشبههما فهو باطل)) تفسير العياشي. تعليق اشبههما اي له شاهد منهما..



رابعا: ان الحديث الصحيح عليه حقيقة ونور

اشرت فيما سبق ان المراد من العرض والموافقة هو الاتساق و الموافقة لما هو معلوم من معارف وان هذا هو علامة الحقيقة، والنور والحق والحقيقة هي صفات واضحة في الشريعة وواضح ما يتصف بها وبهذا جاءت روايات تنص على ذلك.

(إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده)

قال رسول الله صلى الله عليه واله (( إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. )) المحاسن .


(ما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلته وما أتاكم عني من حديث لا يوافق الحق فلم أقله)


قال رسول الله صلى الله عليه واله ((ما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلته وما أتاكم عني من حديث لا يوافق الحق فلم أقله، ولن أقول إلا الحق.)) معاني الاخبار.



(إذا أتاكم عني حديث فأعرضوه على كتاب الله وحجة عقولكم فإن وافقهما فأقبلوه وإلا فاضربوا به عرض الجدار قال رسول الله صلى الله عليه واله)


" إذا أتاكم عني حديث فأعرضوه على كتاب الله وحجة عقولكم فإن وافقهما فأقبلوه وإلا فاضربوا به عرض الجدار ." المازندراني في شرحه عن تفسير ابي الفتوح.

 


(إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا)


قال ابو الحسن الرضا عليه السلام إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به) الكشي.


(فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان.)


قال ابو الحسن الرضا عليه السلام إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به، فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان.) الكشي.



خامسا: الحديث الصحيح موافق للفطرة 



هذا اصل قطعي ثابت من أصول الشريعة ودلت عليه نصوص ومعارف قطعية منها:

 قال تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ )

  وقال تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) تعليق وهنا حسن فطري عقلائي.

وقال تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) 

و قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا ). 



والحسن هذا كله ارتكازي عقلائي ووجداني .

 كما ان القران اعلى شأن العقل و اعماله؛ قال تعالى (  لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ). و قال تعالى (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ). و قال تعالى (وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ). و قوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ،وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ). فخاطب الله العقول بل حصر الاهتداء الى الحق باهل العقول، فاستعمال العقل لأجل الاهتداء و تبين الحقائق و الايمان و الاعتقاد السليم من جوهر الشريعة فقال تعالى (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) و قال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) و قال تعالى (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ). بل ان الكفر والنفاق هو من علامات عدم العقل والفهم ؛ قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) . و قال تعالى (وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ). و قال تعالى (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ). وقال تعالى (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) و العقل هنا هو التعقل و التدبر و التمييز الفطري الهادي الى النور و حقائق الايمان. 

ان موافقة الحق للفطرة وتصديق الوجدان لها وانها وفق نهج العقلاء كلها امور راسخة في المعارف الشرعية لذلك هي ملحوظة في اصول الشريعة وفي المعارف الثابتة التي يرد اليها الحديث، فان مخالفته للفطرة والوجدان والعقل يعني انه مخالف للقران والسنة بلا ريب.

فصل: مناقشات

المناقشات بخصوص حديث العرض ذكرتها مفصلا في كتاب ( رسالة في حديث العرض) وكلها لا وجه لها وهنا شيء منها باختصار: 


الأول: اعتبار صحة السند

قيل باعتبار ان يكون السند متصلا بالنقل وان يكون بواسطة نقلة ثقات بالنقل وهذا الشرط لا دليل عليه بل الدليل خلافه كما ان البعض اكتفى به مصححا للخبر وهو لا يصلح بذاته ان يكون على للتصحيح بل ان جواز عدم صدور الخبر الصحيح سندا ممكن ما دام ظنا لان الظنية تقبل الخطأ.

واما ما يخالف اعتبار السند فنصوص قرانيه وحديثية منها:

اصالة صدق المؤمن و تصديقه

قال تعالى : هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ. ) أقول: قال الطوسي وقوله " ويؤمن للمؤمنين " قال ابن عباس: معناه ويصدق المؤمنين. انتهى. اقول ان اذن اي يصدق كل ما يقولون له ظاهر في المبالغة في تصديقهم وهو السنة. و  قال تعالى: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. ت: الذي جاء بالصدق هو المؤمن. قال الطوسي وقوله (والذي جاء بالصدق وصدق به) قال قتادة وابن زيد: المؤمنون جاؤا بالصدق الذي هو القرآن وصدقوا به. ثم قال قال الزجاج: الذي - ههنا والذين بمعنى واحد يراد به الجمع. وقال: لانه غير مؤقت. انتهى و قال تعالى: لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ، وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا . ت: فقابل الصادق مقابلة الكافر. وقال الطبرسي و قيل ليسأل الصادقين في توحيد الله و عدله و الشرائع عن صدقهم أي عما كانوا يقولونه فيه تعالى .انتهى وقال تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ .: ت و( الصادقين ) هنا المؤمنون حقا ، قال الطوسي والصادق هو القائل بالحق العامل به، لانها صفة مدح لاتطلق الا على من يستحق المدح على صدقه. فأما من فسق بارتكاب الكبائر فلا يطلق عليه اسم صادق. انتهى و قال تعالى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا. ت: و الفاسق في القران هو بخلاف المهتدي  قال تعالى (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) و قال تعالى (لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) و  قال تعالى ( سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ) و قال تعالى (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ). قال الطوسي (إذا جاء كم فاسق) وهو الخارج من طاعة الله إلى معصيته). ثم قال وفي الآية دلالة على أن خبر الواحد لا يوجب العلم ولا العمل، لان المعنى إن جاء كم فاسق بالخبر الذي لا تأمنون أن يكون كذبا فتوقفوا فيه، وهذا التعليل موجود في خبر العدل، لان العدل على الظاهر يجوز أن يكون كاذبا في خبره. فالامان غير حاصل في العمل بخبره. و قال الطبرسي  و قد استدل بعضهم بالآية على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان عدلا من حيث أن الله سبحانه أوجب التوقف في خبر الفاسق فدل على أن خبر العدل لا يجب التوقف فيه و هذا لا يصح لأن دليل الخطاب لا يعول عليه عندنا و عند أكثر المحققين. انتهى اقول هذا متين مع ان الفاسق لا يقابله العدل بل  يقابله المؤمن وان كان يذنب ، و العدل يقابله العاصي ما دام غير خارج عن الطاعة و الهداية. كما ان خبر الواحد لا يقسم عند السنديين  الى خبر عدل و خبر غير عدل بل يقسم الى خبر راو صحيح و خبر راو غير صحيح وهو اخص من العدل كما يعلم ففيه شروط كثيرة غير العدالة. والعدل هو المسلم حسن الظاهر، واين هذا من شروط الراوي الصحيح الكثيرة المتكثرة؟   


لاحظ ايها الاخ العزيز كيف ان السنة تصديق المسلمين و كيف جعل القران صفة الصدق و الصادقين ملازمة للمؤمنين وعلامة لهم و عنوانا. وهذا الاصل يؤسس الى جواز الاخذ من المسلم ان لم يعلم منه كفر او فسق وهو التمرد المنطوي على خبث. ولا يثبت مثل هذه العظائم اقصد الكفر و الفسق الا بالعلم فلا ينفع الظن؛ ومنه روايات الاحاد والاجتهادات بل لا بد من اخبار توجب العلم. وهذا الاصل مما يشهد لاطلاقات حديث العرض الذي لم يميز بين المسلمين وهو المصدق باصول الاخوة و الولاية و حسن الظن.

اقول هذه الاصول  اي الرد الى القران و السنة و تصديق الحق بعضه بعضها وكون المصدقية علامة الحق و اصالة صدق المسلم و تصديقه كلها بنفسها تدل على شرعية العرض اي عرض الاحاديث الظنية (الاحاد) المنسوبة الى الشرع على محكم القران و الثابت من السنة والاخذ بما وافقها و رد ما خالفها.  ولما كان حديث العرض مصدقا لها ومصدقا بها فكان حقا والحمد لله. 

ان العرض بالرد الى الثابت و التمسك بما وافقه هو من المصاديق الواضحة لامتال امر الله تعالى بعدم الاختلاف و الفرقة  قال تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ) اي فاجتمعوا على الحق وهو حبل الله كما قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) فليس الغاية هي الاجتماع ولو على باطل بل الغاية هي الاجتماع على الحق و التمسك به والحق ما له اصل وشاهد ومصدق من المعلوم الثاقبت. والعرض يحقق الاتصال المعرفي برد كل معرفة الى ما هو ثابت مما هو فوقها او قبلها معرفيا. و من الظاهر ان عرض ما هو مختلف فيه على محكم القران و السنة والاخذ بما وافقهما و ترك ما خالفهما رفعا للفرقة و دافعا لها ولو انه اتبع لقل الاختلاف بل لزال. فالعرض هو من امتثال الاعتصام بحبل الله وهو من اسباب الجماعة و عدم الفرقة. و الله الموفق.

إشارة: ان التحقق من صحة السند يقتضي مقدمة هي المعرفة باحوال الرواة وهذا يستوجب تتبع عورات المسلمين و اسقاط قولهم و بالظن وهذا كله مخالف للشرع قطعا و قد بر بتبريرات اجتهادية لا وجه لها.



الثاني اعتبار عدالة الراوي

واستدل بقوله تعالى ( ذوا عدل منكم ) و اعتبار العدالة في البينة.

وفيه ان الشهادة على الامر الحضوري الشهودي مختلف عن الخبر عن امر غيبي سابق وقوعه لا يمكن الحس به ولا التحقق منه. وثانيا ان ذوا عدل الظاهر انها بيان للمسلم وليس شرطا وهو الموافق لعلم القران بان الأصل في المؤمن العدالة. و ثالثا يعتبر في البينة التعدد ولا يعتبر ذلك اهل السند و رابعا ان العدالة متحققة بالمسلم الا ان يعلم العكس و ليس كما يصوره البعض انه العكس، فالمسلم عدل حتى يثبت غير ذلك. وعرفت الاحاديث المتقدمة التي دلت باطلاقها بل وبعضها نصا بعدم اعتبار البحث في حال الراوي المسلم، وغيرها أيضا دل على ذلك. كما انه لا ملازمة بين عدالة الراوي وصحة الصدور فان الخلل في النقل ليس متوقفا فقط على العدالة بل لا بد من ضبط جهات اخرى لا يمكن ضبها الا ظنيا كالسهو او التوهم.


الثالث: الاشكال على المعروض عليه والعارض

أشكل البعض على ان العرض على القران و السنة يقتضي المعرفة التفصيلية بهما والمعرفة بالتفسير والمحكم من غيره والمخصصات وان العرض هي من وظيفة الفقهاء وفيه ان العرض يكون على المعارف المعلومة لكل مسلم من الدين وانما أراد الشارع بالعرض على القران أي ما يعلم منه عند المسلمين وليس عند اهل التفسير ولا الفقهاء فالعرض يكون على المعارف الضرورية منهما وما صدق و اتصل بها والعرض وظيفة كل مسلم وليس مختصا بالفقهاء او اهل التفسير واهل الحديث. كما ان العرض على تلك المعارف الراسخة المعلومة من محكم القران وقطعي السنة والمعروض هو خصوص الحديث الظني وليس ما علم قطعا من السنة فان ما علم قطعا من السنة لا يعرض ولا يخالف المعلوم من محكم القران.