عرض الحديث (39)
مسألة (10) :
علاج اختلاف الحديث
منهج العرض في علاج مختلف الحديث
هنا لدينا حديثان متعارضان و بمنهج العرض يكون
المحكم هو المصدق الموافق للثوابت و يحمل الاخر المتشابه على ما يوافق المحكم.
الحديث
المحكم: تفسير القمي : ابو الفضل العباس
بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر عليهما السلام قال حدثنا ابو الحسن على بن ابراهيم بن هاشم قال:
حدثني ابى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن ضريس عن ابى جعفر عليه
السلام في قوله (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) قال اذا كان يوم القيامة وحشر الناس
للحساب فيمرون باهوال يوم القيامة فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهدا شديدا،
قال فيقفون بفناء العرصة ويشرف الجبار عليهم وهو على عرشه فاول من يدعى بنداء يسمع الخلائق اجمعون ان
يهتف باسم محمد بن عبدالله النبي القرشي العربي، قال فيتقدم حتى يقف على يمين
العرش، قال ثم يدعى بصاحبكم علي عليه السلام، فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله
صلى الله عليه وآله، ثم يدعى بامة محمد فيقفون على يسار علي عليه السلام ثم يدعى
بنبي نبي وامته معه من اول النبيين الي آخرهم وامتهم معهم، فيقفون عن يسار العرش.
الحديث المتشابه: تفسير القمي : ابو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن
موسى بن جعفر عليهما السلام قال حدثنا ابو
الحسن على بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني
ابى عن سليمان الديلمي عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال اذا كان يوم
القيامة يدعى محمد صلى الله عليه وآله فيكسى حلة وردية ثم يقام على يمين العرش ثم
يدعى بابراهيم عليه السلام فيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش، ثم يدعى بعلي
امير المؤمنين عليه السلام فيكسى حلة وردية فيقام على يمين النبي صلى الله عليه
وآله ثم يدعي باسماعيل فيكسى حلة بيضاء فيقام على يسار ابراهيم، ثم يدعى بالحسن
عليه السلام فيكسى حلة وردية فيقام على يمين امير المؤمنين عليه السلام ثم يدعى
بالحسين (ع) فيكسى حلة وردية فيقام على يمين الحسن (ع) ثم يدعى بالائمة فيكسون حللا
وردية ويقام كل واحد على يمين صاحبه، ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم.
اقول لاحظ ان الحديثين رويا في تفسير القمي و
المعارضة ظاهر، فيحمل الحديث الثاني ( خبر ابي بصير) على التقية بتقديم ابراهيم و
اسماعيل عليهما السلام على الائمة عليهم السلام، وهو خلاف الحديث الاول ( خبر
ضريس) المحكم الذي يتقدم فيه الائمة على باقي الخلق غير رسول الله صلى الله عليه و
اله.
مسألة
(11): النوعية و الفردية في فهم الحديث و تقييمه.
الترجيح و الفهم النوعي للدليل و الترجيح و الفهم
الفردي له.
لا ريب انّ الخطاب الشرعيّ موجّه الى كلّ مكلف
فقيه او غير فقيه و غير مختص بمكلف دون اخر، الا ان سعة اطلاع الفقيه و خبرته
بالنص يعطيه ميزة لا تنكر في ترجيح الادلة و بيانها و فهمها لكن هناك فرقا كبيرا
بين الترجيح و الفهم النوعي للدليل و بين الترجيح و الفهم الفردي له. اي انّ هناك
ترجيحا و فهما عاما نوعيا لو قام به اي احد لأدى الى النتيجة نفسها فلا يختلف
الاختيار و لا الفهم باختلاف الاشخاص الذين يقومون به، بينما الترجيح و الفهم الفردي يعتمد على الشخص
الذي يقوم بعملية الاختيار و الفهم فيختلف باختلاف الاشخاص الذين يقومون به.
من الواضح انّ مدخلية مقدمات كثيرة في عملية
ترجيح الادلة و فهمها عند المجتهد يجعل من العسر القول انّ ما يثبت عنده من دليل و
فهم هو دليل و فهم لغيره من مقلد و غيره، و خصوصا ان كثيرا من تلك الامور بعيدة و
غريبة عن المقلدين. وهذا هو الترجيح و الفهم الفردي للدليل و الدلالة. و لهذا لا
يمكن القول ان ما يثبت دليلا عند المجتهد هو دليل عند مقلده و لذلك قيل بكفاية
حجية الفتوى وعدم ضرورة كون دليل الفقيه دليلا لمقلده.
اما الفقيه المحدث و الذي يستعمل الطريقة العادية
العامة في ترجيح الادلة و فهمها بعرض الادلة على المعارف الثابتة من الدين
المعروفة لكل مكلف، و يفهمها بطريق عادية عرفية جدا من دون تكلف او تدقيق عقلي و
فلسفي، فان اختياره و ترجيحه و فهمه للادلة و الدلالة يكون نوعيا , لذلك يمكن
القول ان ما يثبت دليلا عند الفقيه المحدث هو دليل عند غيره من المكلفين. فدليل
المحدث دليل لغيره و لهذا يصح شرعا لكل مكلف التعبد بما يثبت دليلا عند المحدث و
ما يفهمه من الدليل.
و بسبب نوعية ترجيحات المحدثين و فردانية ترجيحات
المجتهدين نجد ان الاختلافات في الادلة و الدلالة قليلة او معدومة بين المحدثين
وكذا اقوالهم وفتاواهم بينما هي كبيرة و
احيانا كبيرة جدا دليلا و دلالة بين المجتهدين وكذا حال اقوالهم و فتاواهم.