عرض الحديث (41)

 

منهج العرض هو طريق العصمة من الضلال
.
 
من الثابت المعروف الذي لا يرتاب به احد ان اهل البيت عليهم السلام اوصونا بعرض ما يصلنا من حديث على القران و السنة. و بسبب قصور في فهم طريقة العرض حصلت شبه عند البعض ادت بهم الى عدم العمل بهذا المنهج الحق.
 
ان عرض الحديث على القران و السنة لا يعني عرض ظاهر الحديث على ظاهرة اية معينة او ظاهر سنة معينة ثابتة ، كما انه لا يعني الدلالة اللغوية بحيث يؤدي ذلك الى تعطيلب الاحاديث و ينتهي الامر كله الى القران و السنة القطعية. و انما العرض هو عرض الحديث على ما هو معلوم و ثابت من المعارف الثابتة من القران و السنة، و بطريقة التصديق و الشواهد و المشابهة ، اي ان تكون المعارف الثابتة المتفق عليها التي لا يشك و لا يرتاب بها احد شاهدا و مصدقا للحديث.
و من المعلوم ان اتباع هذا المنهج هو المحقق للمعارف المحققة و المتصلة بالثوابت الخالية من التناقض و الشذوذ كما انها المصداق الجلي لقوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) .

 

  منهج العرض ببساطة هو عرض معرفة او اصل اصغر على اصل اكبر ثابت لا خلاف فيه . كعرض نفي التشبيه على التوحيد و عرض العصمة على الامامة وهكذا .
فيتفرع من الاصل الكبير الى الاصل الذي يليه الاكبر بالاكبر من دون انقطاع.
 - 
لا ريب ان التدرج من الاصول الاكبر الى ما يليها الاكبر فالاكبر كفيل بتحقيق ثلاثة امور اولا عصمة المعرفة و ثانيا علميتها و عدم ظنيتها و ثالثا وحدتها و عدم تناقضها. و هذه هي اية الحق.

و الحمد لله رب العالمين.



 

 

 

 

مسألة (14) اسلام بلا طائفة

مسلم بلا طائفة هو مسلم لا يريد ان يصنف بحسب الطوائف والمذاهب، او ان يصنف المسلمين بحسب الطوائف والمذاهب وانما الكل مسلمون مؤمنون. فالمسلم بلا طائفة هو مسلم منفتح على جميع تفاسير المسلمين، ومنفتح على جميع روايات المسلمين ومنفتح على جميع اقوال علماء المسلمين. المسلم بلا طائفة يرى ان جميع المسلمين هم اخوته وجميع علماء المسلمين علماؤهم وجميع رواة المسلمين هم رواته وجميع مفسري المسلمين هم مفسروه وجميع كتب المسلمين هي كتبه، الكل يؤخذ منه ان قال الحق.

ان المسلم بلا طائفة دوما يقصد المعرفة ذاتها والتحرر من طريقها، فهو لا ينظر الى الطريق وانما ينظر الى المعرفة، فيأخذ المعرفة الحق من أي طريق ولا يأخذ المعرفة الباطلة من أي طريق، فهو يعرف الحق بالحق ولا يعرفه بالناس او القائلين به او الحاملين له.

اذن اسلام بلا طائفة فيه جهتان؛ الاولى: من حيث التسمية فالمسلم بلا طائفة لا يقبل التصنيفات والتسميات بل الكل مسلمون مؤمنون. والثانية: طريقة تحصيل المعرفة فهو يقصد المعرفة الحقة ولا ينظر الى طريقها فهو يقصد الحق ويعرف الحق بالحق وليس بالناس.

ولا ريب ان العقائد والاعمال هي معارف ولا ريب في وجود اختلافات في تلك الجهات الا ان هذه الاختلاف لا تكون سببا للتصنيف والتمييز. وهذا ينبع وينتج من حقيقة قبول المسلمين كما هم بالمعنى العامل الواسع أي ان هناك مسلما مصيبا ومسلما مخطئا، كما ان هناك مسلما مطيعا ومسلما عاصيا. بمعنى كما ان هناك مخالفة عملية فهناك مخالفة علمية (اعتقادية).

الاساس الشرعي لاسلام بلا طائفة

 

لا يوجد دليل شرعي على تقسيم المسلمين الى مذاهب و طوائف و وضع تسميات داخلية فيه. بل الدليل على خلافه قال تعالى:

(هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) و قال تعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)

و في الحديث الشريف : ( فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) و قال (فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله.)(5)

بعد تحقق شرط الايمان فانه لا دليل على اشتراط وحدة اعتقادات موحدة في الاسلام. ولقد قال تعالى

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا )

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

(وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )

وفي الحديث عن الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم وحسابه على الله  .

و سأل ميمون بن سياه أنساً ما يحرم دم العبد وماله فقال من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم.

الاساس العقلائي لاسلام بلا طائفة

 

ان اشتراط وحدة الاعتقادات في الاسلام متعذر لان الدليل الشرعي لغوي نقلي وكلاهما قابل لان يدخل فيه العامل الفردي وهو مؤثر في عدد كبير من الناس. كما ان الخطاب في مجال الفهم يشتمل على اجمال و حضور غير تحليلي فالبحث المفاهيمي بعيد عن اذهان الناس فالمطالبة به امر غير عرفي بل من الناس من لا يعرف ما هو المفهوم اصلا. لا ريب ان العقائد والاعمال هي معارف ولا ريب في وجود اختلافات في تلك الجهات الا ان هذه الاختلاف لا تكون سببا للتصنيف والتمييز. وهذا ينبع من حقيقة قبول المسلمين كما هم أي ان هناك مسلما مصيبا ومسلما مخطئا، كما ان هناك مسلما مطيعا ومسلما عاصيا. بمعنى كما ان هناك مخالفة عملية فهناك مخالفة علمية (اعتقادية).