عرض الحديث (34)
ثانيا أسس معرفة الحديث
المسالة (1): اهمية معرفة منظومة المعارف
المحورية لتمييز الأحاديث.
ان ما يبينه الباحثون في قواعد علم الاحتجاج ومنه
علم اصول الفقه ليست نظريات فوقية خارجة عن متناول العقلاء، وانما هي شرح لطريقة
العقلاء العادية في التعامل مع النص. بمعنى اخر انه لا يتوقف فهم النص على معرفة
ذلك العلم، وانما البحث في ذلك العلم لأجل منع التأويل التدقيقي الباطل. و من هنا
فادعاء وجوب العلم بقواعد الاصول لفهم النص فهما شرعيا و علميا امر لا واقعية له .
بل ان الحقيقة ان فقه النص لا يأتي من معرفة علم الاحتجاج و انما يأتي من سعة
المعرفة بمنظومة نصوص ذلك الفن، فالمختص الاكثر معرفة بتلك المنظومة يكون اقدر على
الفهم الواقعي لنصوص ذلك الفن، و منه علم الشريعة وهذا من الواضحات . و لهذا فان
من العقلائية و العلمية الاكثار من قراءة القران و السنة مباشرة و من دون تدخل
التفسيرات والشروح غير المعصومة . و سبب الاختلاف ليس عدم معرفة علم الاحتجاج ومنه
علم اصول الفقه، و انما سبب الاختلاف
الجهل بمنظومة المعارف النصية الحقة و سوء التوفيق .
المسألة (2) : العلمية
والظنية
ان اكبر مشكلة في عصرنا تواجه المعرفة الدينية هي
مشكلة ( الغلو في الحديث) حيث ان الافراط في اعتماد السند أدى الى ادخال الظن في
علوم الدين مما أدى الى تبني نصوص حديثي ليس لها شواهد ومخالفة للراسخ في الوجدان وللحقيقة
كل ذلك بحجة صحة السند، حتى ان السند اصبح عند البعض وثنا، اتبعوا فيه ما لا يصح
نسبه الى الشريعة ولا الى أهلها وجر الويلات على المسلمين وسبب الفرقة والاختلاف
كله بسبب التأويلات الباطلة و الظنون التي لم يعثر لها على حجة الا صحة السند
فعارضت ما هو ثابت وحق وابتعدت عن الفطرة و الاعتدال.
هناك اختلاف جوهري في طريقة التعامل مع الاخبار
فطرف يهتم بالمتن ويتبع منهج عرض الروايات
على القران و السنة دون اهتمام
بالسند فيستفيد العلم من القرائن و لا
يكتفي بالظن وطرف يهتم بالسند و يقدمه على
المتن حيث يتبع منهج تقسيم الحديث الى اصناف حسب السند، و الاستعاضة بذلك عن العرض
و القرائن و يكتفي بالظن . و من الواضح و بمجرد خلع قيد التقليد والمدرسية ان
الدارس سيعلم ان منهج ( المتنية ) العلمية هو الموافق للقران و السنة ، و ان (
السندية ) الظنية لا مستند واضح عليها .
و يمكن اجمال الاختلافات المنهجية بين المدرسة
المتنية العلمية و المدرسة السندية الظنية بما يلي:
|
المدرسة المتنية العلمية |
المدرسة السندية الظنية |
1 |
منهج في معرفة الحديث الشريف و تقييمه اعتمادا
على المتن. |
منهج
في معرفة الحديث الشريف و تقييمه اعتمادا على السند. |
2 |
الالية بعرض الحديث على محكم القران و السنة
الثابت. |
الالية بفحص السند من جهة اتصال السند و ثقة
الرواة. |
3 |
كل حديث وافق محكم القران و السنة الثابتة يؤخذ به. وهو المحكم |
كل حديث متصل السند بالرواة الثقات و الممدوحين
يؤخذ به.وهو الحديث الصحيح و المعتبر. |
4 |
كل حديث يخالف محكم القران و السنة الثابتة لا
يؤخذ به . وهو االمتشابه. |
كل حديث غير متصل السند او فيه راو ضعيف لا
يؤخذ به وهو الحديث ضعيف. |
5 |
الدليل
على المنهج صريح محكم القران و السنة المتفق عليها. |
الدليل عليه ادلة غير متفق عليها. |
6 |
ليس
مشهورا رغم ادلته. يتبناه الموسوي الحلي. |
هو المشهور رغم ضعف ادلته. يتبناه جمهور
الفقهاء. |
7 |
من ادلته الايات الدالة على ان الحق لا يختلف و
يصدق بعضه بعضها. وهو ثابت |
من ادلته هو اية التبين في خبر الفاسق . ولا
يثبت دليلا. |
8 |
من ادلته حديث العرض على القران و السنة و
الاخذ بما وافقهما و رد ما خالفهما. وهو ثابت. |
من ادلته
احاديث جاء فيها لفظه فهو ثقتي او هما ثقتان او من تثق به. و لا يثبت
دليلا. |
9 |
من ادلته سيرة العقلاء بان المعارف التي تنبع
من مصدر واحد يصدق بعضها بعضا. |
من ادلته سيرة العقلاء بالاطمئنان للثقة و عدم
الاطمئنان لخبر غير الثقة. ولا يثبت دليلا. |
10 |
من شواهده لزوم تصديق المسلم و عدم جواز رد
حديثه. |
من شواهده اعتبار البينة في الشهادة. |
11 |
المتنية لا تعتمد علم الرجال و لا ترتضيه لانه
طعن في المسلمين |
السندية تعتمد كليا على علم الرجال. |
12 |
المتنية و المصدقية تستلزم اخراج الحديث من
الظن الى العلم. فالعمل بالعلم؟ |
السندية و اعتبار السند لا تستلزم اخراج الحديث
من الظن الى العلم. فالعمل بالظن. |
13 |
المتنية تتكفل بعصمة المعرفة بعدم قبول ما خالف
الثوابت المعرفية و رد المعرفة بعضها الى بعض . |
السندية لا تتكفل بعصمة المعرفة بل قد تستلزم
السندية القول بخلاف الثوابت. |
14 |
المتنية تتكفل بتقليل الخلافات العقائدية و
العملية (الفقهية) |
السندية تعجز عن تقليل الخلافات العقائدية و
العملية ( الفقهية) بل قد تكرسها. |
15 |
المتنية يمكن ان تتجاوز المدرسية و المذهبية و
تعتمد جميع كتب المسلمين الحديثية. |
السندية تكرس المدرسية و المذهبية و تقسم الكتب
و الرواة و الفقهاء الى مذاهب و مدارس. |
16 |
بنبذها علم الرجال فيمكنها اعتماد
جميع كتب المسلمين الحديثية وتعتبر اساسا لوحدة المسلمين. |
باعتمادها علم الرجال و تقسيم الكتب حسب
المذاهب تعتبر عقبة اما وحدة المسلمين. |