عرض الحديث (46)

 

مسألة (22): عامية الفقه

في المعارف العامية الوجدانية ادراك المعرفة يؤدي مباشرة الى التفرع و التحليل والتمكن و امتلاك التفوق، وهو من جماليات الطبيعة و الحياة ، الا انه في المعارف الاختصاصية فانك حتى لو اكتسبت المعرفة و اطلعت على الحقيقة فانك لا تتفوق و لا تمتلك اضافة انتاجية ولا تتمكن من التحليل المضبوط في العلم الا بعد مرحلة. ان الاطلاع على عناصر الادراك هو المادة الاولية للمعرفة وهي بمثابة الادلة في العلوم و في الشريعة تتمثل بالنص اي القران و السنة، ومن الواضح ان المسلم يمكنه باي اية يعرفها او حديث يعرفه يمكنه العمل به و الاعتماد عليه لان هذا هو لازم تعلمه و الاطلاع عليه ومعرفته، اي انه يستدل بما عرف على ما يعمل او يعتقد ، بشرط التناسق والتوافق، فالاستدلال طبيعي مباشرة لا يتأخر ولا يتخلف عن معرفة الدليل اي معرفة اية او رواية فاذا عرف اية او رواية استدل بها على عقيدة او عمل   لكن ما حصل في الجهة الاختصاصية التي حولت الدين و الشريعة الى اختصاص  لا بد فيه من امتلاك مقدمات خاصة وخاصة جدا بعيدة عن اذهان العرف و خبراتهم و تحتاج الى تفرغ بل والى مستويات عقلية معينة للنجاح في ضبطها منها اصول الفقه و الجرح و التعديل فمن لا يعرف هذه العلوم الخاصة جدا و المدرسية و التتلمذية جدا فانه لا يمكنه ان يستدل بآية على عقيدة او عملا و لا بحديث على عقيدة او عمل. وهذا اخطر شيء حصل في تاريخ الشريعة وفهم النص الشرعي.

 

 

عامية مقدمات العلم واختصاصياتها

في المعارف العامية لا تحتاج الى اكثر من الفهم والادراك والمعارف الضروري الراسخة  لكي تكتسب المعرفة تعمل بها، و العمل هنا اقصد به العقيدة والعمل و المعرفة هنا الادلة، اي بمجرد ان تطلع على الدليل على اعتقاد او عمل فانه يتحقق عندك استفادة وامتلاك وتحقق للعقيدة وطريقة العمل.  والشرع معرفة عامية لا تحتاج الى مقدمات غير معرفة اللغة لمعرفة معارف الشريعة من النصوص وهذا لا يختص بالسماع المباشر بل بالسماع غير المباشر و لا يختص بفقهاء الناس بل بكل مسلم يسمع النص من اية او رواية بل ان هذا يشمل الكفرة ايضا فلا يحتاجون الى مقدمات غير الفهم العرفي والا كيف يحتج عليهم القران. ما حصل في المنهج الاختصاصي انه صار المسلم يحتاج الى مقدمات طويلة وكثيرة ومعقدة لكي يستفيد استفادة شرعية من النص ومن لا يعرف تلك المقدمات فانه لا يتمكن من العمل بالنص ولا استفادة علم منه، فصار علم العامي غير العارف بتلك المقدمات بالآيات و الروايات هو بحكم عدم علمه. وهذا من غرائب الامور.